Thursday, October 15, 2009

الإنترنت..صديقى


لم يكن يمتلك رغبة صادقة للالتحاق بمثل هذه الكليه ،كم تمنى أن يزاول مهنة تتعلق بحبه الجارف لعالم الحاسبات والشبكات الالكترونية ،لقد بدأ تعلقه بهذا العالم منذ أهداه والده جهاز كمبيوتر خاص لتفوقه فى المرحلة الابتدائية ويذكر حينها أنه أحدث طفرة فى شارعهم إذ كان جهازه أول آلة الكترونية عرفها أهل الشارع آنذاك ،ولكن سبق هواه رغبات والديه فكانا دائماً المخططين لأموره المختلفة ،قبل الوضع فى البداية على مضض لا لشئ أكثر من أنه لا يحب أن يكون أقل من بقية أخواته فى شئ ،إذ كانوا متفوقين وكانوا يدرسون بكلية الطب أيضاً اقتداءً بوالدهم الطبيب المشهور ،تحكمت نظراته بل ونظرات والده المادية فى مستقبله فدائماً ما قال له والده أنه لا مكان فى ساحة الأحياء إلا للمتفوقين علمياً فهذا ما يجلب لك الاحترام الذى تستطيع أن ترفع به رأسك عالياً.


ولكن؛ ومع مرور الأيام بدأ شعور الضيق والاستياء يتسلل تدريجيا إلى نفس "وسام"الذى لم يمضِ علي التحاقه بالدراسة سوى بضعة أشهر ،ازداد تعلقه الشديد بهوايته الإلكترونية إلى أن ذهب لوالده يشكو له حاله ويعرض عليه فكرة تحويله إلى الدراسة التى يحبها ،وهنا ينهره والده فى غضب(ماذا تقول يا وسام ؟! هل أصابك الجنون ؟! أتريد أن تترك الطب لمزاولة مثل هذه الدراسة العقيمة ؟!)أبدى والده رفضاِ شديداً وقاطعاً وأرغمه على مواصلة الدراسة فى ذلك المجال مبرراً بأنه طبيب وأن ولده يجب أن يصبح مثله ،انعكس هذا الأمر سلبيا على نفسية "وسام"وبدأ تأثير كراهيته الشديدة للدراسة فى الظهور على مستواه وتقديره ،انحدر المستوى بشدة والتقدير فى القاع ،يعود لوالده مكرراً الحديث والرجاء فلم يعلق والده سوى بوصفه المستمر له بالفشل (أنت فاشل ..لست كبقية أخواتك )وهكذا يزداد الأمر سوءاً لدرجة وصلت إلى رسوبه المتكرر وتراكم سنوات الدراسة فوق عاتق ذلك الفتى .



بدأت أحواله تتغير تدريجياً يوماً بعد يوم ،يستيقظ فى الصباح ليبدأ يومه جالساً أمام (اللاب توب) صديقه الحميم ويظل هكذا إلى أن يطغى عليه النوم ،شعور بالغربه يقتحم "وسام" يتكرر صدى كلمات والده فى أذنيه ،أصبح يرى الجميع كأنهم أعداؤه حتى أخواته وأصدقاؤه الذين فارقوه بعد أن سبقوه بسنوات فى الدراسة وانشغل كل منهم بدراسته ومستقبله ، يعتزل أهله و يجلس وحيداً فى غرفته التى بمجرد دخوله إليها يذهب ليغلق نوافذها خشية أن يره أحد ،يخيل إليه أن من يراه الآن ينظر إليه شزراً ويتهمه بالتقصير والفشل والانحراف عن نهج تلك العائلة المستقيمة المتفوقة.

وتمضى الأيام وجهاز(اللاب توب) خير جليس لـ"وسام" فلطالما أحبه وشعر بأنه الشى الوحيد الذى من الممكن ومن اليسيرمصادقته فى ذلك الزمان وبالطبع أصدقاؤه على الشبكة يمثلون جانباً كبيراً فى حياته، لم يرهم فجميعهم من بلاد أجنبيه مختلفه لم يجمعهم به سوى علاقة الكترونية بحتة .



توطدت العلاقة بينه وبين هؤلاء فهم ما تبقوا له من حصيلة زحام وصخب تلك الحياة الشاقة ،بدأت العلاقة تتطور شيئاً فشئ مع بعض الشباب من جنسية أمريكية إلى أن جذبوه إليهم بأفكارهم وعاداتهم وتقاليدهم وما أسهل أن ينساق شاب فى مثل حالته إلى تلك الأمور ، تطورت الصداقة لأعمال كبيرة عرضوا عليه بالتعاون معهم فيها وكانت خطتهم القائدة التعرف على أحد البنوك الأمريكية الشهيرة والتى تضم مليارات الدولارات الخاصة بعملاء عظام ،وبِحِيَل بسيطة وسهلة عرفوه بها وعودوه عليها إلى أن مكنوه من سرقة أموال ضخمة من بعض الحسابات .

تلذذ "وسام "بهذا الأمر فكم كان يحلم أن يقوم بعمل فوق العادة ،سرقة أكبر دولة على مستوى العالم ليس شيئاً عادياً ،فياله من سارق محترف !!

مجرد ضغطات على أزار اللوحة تجعل منه مليونيراً ثرياً دون الحاجه لأن يصبح طبيباً مشهوراً قضى نصف عمره فى دراسته وعمله .


وفجأة دون سابق إنذار يصل الأمر إلى والده الذى لم يكلف نفسه بنصيحة يسديها إلى تلك الضحية ليفرض عليه أن يترك المنزل فلا مكان هنا سوى للشرفاء فقط !

غادر "وسام " غرفته ومأواه لينظر إلى حاله فيجد نفسه وحيداً شريداً ،ماذا يحدث لى ؟! أين أهلى ؟! هل أغلقت أبوابهم أمامى ؟!أين أذهب ؟! أسئلة تبحث عن جواب تدور كلها فى ذهن "وسام" ويتكرر عليه شعور الوحدة القاسى ويزيده سوءاً شعوره بالتشرد وفقدان السند .


انتهى به المطاف فى بيت "سامر"صديق له منذ فترة قصيرة من خلال الشبكة ومعاونه كذلك فى تلك الأمور البغيضة التى كان هو الآخر ضحية لها تحت سطوة تلك العصابة الأمريكية الفاسدة .

بدأت الفكرة تتطور تدريجياً وانجذب إليها عدد كثير من الشباب تحت إغراء"وسام" الذى كادت أن تستحوذ الفكره على معظم حياته .



راودت فكرة العودة للدراسة ذهنه كثيراً،لا يعرف لماذا ؟! فلاشك أن شعور "وسام "بالارتياح كان منعدماً تقريباً رغم ما وصل إليه من حالة مادية جيدة جدا تمكنه من المعيشة وحده دون الاحتياج لأهله ولوالده الطبيب المرموق ،ولكن سرعان ما تزول تلك الفكرة أمام الإغراءات والتشجيعات التى تفرضها تلك الوريقات المادية ،وهكذا أمضى حياته مترددا بين هذه الفكره وتلك وشتان بينهما .



ولكن الباطل دائماً لابد وله نهاية تحكمه وتحدده مهما طال زمنه ،تنكشف الفضيحة تدريجياً، فها هو "وسام "مراقب منذ فترة بأحدث الأجهزة ،تدخل عليه سيارات الشرطة لتقبض عليه متلبساً هو ورفيقه جهاز(اللاب توب) !!،يذهب "وسام" مع الشرطة ولكن ليس "وسام" الطفل المهذب ولا الطالب المجتهد أو الطبيب المأمول بل كواحد من أعظم قراصنة الإنترنت على مستوى العالم .

( قصة حقيقية)
مع بعض التغييرات