Sunday, March 9, 2008

ذنبه للأسف هو ذلك الأبـــ


نادى على من بعيد وأنا أصعد سلم العماره عائده إلى بيتى بعد عناء يوم كامل



( ياللى هنا .. ياللى هنا )



طفل صغير لم يتعد السابعه من عمره ، ملابسه مهلهله ، تظهر من ملامح وجهه علامات الشقاء والفقر

حدثنى وتكاد الدموع تترقرق من عينيه


( أبله ممكن تساعدينا بحاجه .. أصل أبويه تعبان أوى ، واحنا محتاجين فلوس علشان هنعمله عمليه ، حتى انزلى شوفيه )



غلبتنى مشاعر العاطفه وكنت على وشك النزول إلى بوابة العماره لأرى والده وأتحدث معهما وأساعدهما بقدر المستطاع

لكن اكتظ فكرى حينها بالعديد من الأفكار وتذكرت قول أمى لى دائماً



( خللى بالك من الناس اللى بيلفوا ع البيوت دول )



يا ترى هل أنزل إليهم وأدعو لهم أبى كى ينزل ويساعدهم أم أردهم ليعودوا من حيث أتوا ؟!،



كان لى مدرس فى الثانويه العامه حدثنا فى هذا الموضوع من قبل وقال أننى إذا ساعدتهم بأى شئ فنحن بذلك نعينهم على مثل تلك اللإفعال المشينه ،



يا ترى ماذا أفعل ؟



وماذا إذا كانوا فعلاً بحاجه إلى مساعده حقيقيه وسدت أمامهم جميع الطرق وأغلقت جميع الأبواب ماعدا ذلك الطريق وهو التسول على البيوت..!!


أطلت مدة تفكيرى وتركت الطفل تصحبه نظرات الاستغراب والدهشه والترقب

ثم قلت له

( هو انت بتروح المدرسه )




فرد بالنفى طبعا وهذا ما كنت أتوقعه فعلا



استطردت حديثى وسألته



( طيب ليه مش بتشتغل وتساعد باباك ؟!)

فرد وقال



( أنا مش بعرف أشتغل )



وما إن قال تلك الكلمه إذ بقلبى ينتفض ويطلب من عينى أن تسقط تلك الدموع الحائره ولكن فجأة تحكم عقلى بعاطفتى حينها وقلت



( طيب ينفع تمروا على البيوت كده ومتشتغلش ،،

ينفع ولا مينفعش ؟!!!)



تعجب الطفل جدا من رد فعلى هذا وأنا أيضاً استغربت منه شدة الاستغراب ،



كيف نطق لسانى بتلك الجمله ؟ ! أعلم أنها منطقياً وعقلانياً صحيحه لكنى لا أرضى بها ومنذ متى أتكلم أنا بذلك المنطق العقلانى ؟ !



وبينما أنا أعاتب نفسى على ما قلته إذ بالطفل يجرى خارج العماره ، وقلبى يجرى معه ،



أريد أن أناديه مره أخرى لأعتذر له وأظهر له استعدادى للمساعده ،



ولكن رأيته من شرفات السلم ، وهو يمسك بأبيه ليساعده على القيام ، وارتفعت عيناه إلى كأنه يرمقنى بنظرات عتاب ، نظرات شفقه ، لا أدرى بماذا أوصفها ؟!



كان لسانى مستعداً لينادى عليه مره أخرى ، ولكن رأيت ما أذهلنى حقاً ، ذلك الوالد الذى يربط رجليه برباط جبس كأنهما لا يتحركان وعندما قام رأيته يتحرك بصوره طبيبعيه جدا !! يا إلهــى!!



رجعت إلى بيتى وأنا حائره لا أدرى أألوم نفسى لأنى سمعت كلام أمى ومدرسى ؟



أم ألوم ذلك الرجل القاسى الذى يدفع ابنه للاحتيال ويعلمه فنون التسول وأساليبه ؟!!



لا أدرى ، كل ما أعرفه هو أننى حزينه لأنى لم أُرضِ نظرات ذلك الطفل البرئ الذى ليس له أى ذنب فى شئ سوى أنه ابن لذلك الأب !!!




تــــــمت

نشرت ببص وطل