Saturday, November 13, 2010

آلات..قصة قصيرة







اليوم هو أول أيام الدراسة لى وأنا فى الفرقة الرابعة بكلية الطب ،لا أصدق حتى الآن أنى اجتزت ثلاث سنوات بأكملها داخل هذه الكلية الكئيبة ،الكل ينظر إلى وكأنى طبيب رغم أنى لا أفقه فى الطب شيئاً ،أحفظ وأحشو مخيخى بالمعلومات وأصبها فى ورقة الامتحان آخر العام ।



"أمى أين البالطو ؟"







حتى هذا البالطو الأبيض لا أدرى لماذا أرتديه وأحمله معى كل يوم ،لم أتعامل حتى الآن مع أى مريض ليستوجب الأمر ارتداؤه ،ربما هى شكليات ومظاهر اعتادها طلاب الطب منذ بداية دراستهم .


أتناول طعام الإفطار بسرعة وأنا واقف كالعادة ،تنصحنى أمى بأن أستبدل تلك "التكشيرة" التى تصاحبنى دوماً مع بداية أي عام دراسى بابتسامة تفتح لى أبواب الخير، ولكنى حتى الآن لم أستمتع قط بما أدرسه حتى أذهب إليه وأنا سعيد ، دخلت الكلية إرضاء لرغبات الأهل وأسير فيها على مضض أيضًا لأجلهم ،أشعر أن مواهبى قد دمرت، فى الثانوية كنت زعيم الأنشطة الدراسية فى مدرستى وكنت رائد الشعر والأدب بين زملائى ،ماذا حدث لى ؟ إلى متى سيظل هذا الفكر العقيم متسرباً إلى عقول الأهالى بأن من يحصل على مجموع عال لابد وأن يدخل الطب
متى ستنكسر هذه القاعدة الرجعية ؟!


"مع السلامة يا أمى"

"مع ألف سلامة يا باسم يا حبيبى ..ربنا ينورلك طريقك ويرزقك نور الفهم "




دعوات أمى تقلب على المواجع دائماً ،أنا لا أفهم، نعم يا أصدقائى أحدثكم بصدق أصبحت غبياً منذ دخولى الجامعة .
وهذا ليس بسببى وحدى ،إنما يشترك فى ذلك هؤلاء الأساتذة المحاضرون وأسلوبهم الخاطئ فى عرض المعلومات .
أراهنكم أنى سأذهب الآن مع أولى محاضرات المادة ليحشو الطبيب أذهاننا بمعلومات مسرودة فيما يقرب من أربعين أو خمسين صفحة والمطلوب منى فهمها ،أقصد طبعاً حفظها حتى آتى اليوم التالى وتتكرر المأساة ..وهكذا حتى نهاية العام.



إلى متى سيظل الوضع هكذا ॥؟!

ألن يعرفوا بعد أن طلبة الطب بشر مثل بقية الناس لهم الحق فى أن يعيشوا ويستمتعوا بالحياة مثلهم مثل غيرهم ؟!..تباً لهم .


وصلت الكلية بسلام الحمد لله ،وكالعادة متأخراً ،لا يهم، أعرف أنى سأدخل لأغط فى نوم عميق أو ألهو أنا وزملائى ،
تسللت من الباب الخلفى دون أن يشعر المحاضر وجلست فى المقاعد الأخيرة ،أطلقت بصرى هنا وهناك لأبحث عن "أحمد وخالد"صديقاى العزيزان،


نعم هما هناك فى هذا المقعد ولكن مابالهم صامتين هكذا كأن فوق رؤسهم الطير عجيب ذلك الأمر منذ متى ؟!



جو المحاضرة به شئ ما غير طبيعى ،ليست هذه هى المحاضرات التى اعتدت عليها ،هدوء عجيب وإنصات لم أرهما على أصدقائى فقط بل امتد ليشمل باقى المدرجات।


الكل يستمع باهتمام ،والأغرب تلك الابتسامة التى ألحظها على شفتيهم تنم عن استمتاعهم بالحديث..لا لا أصدق ..ماذا يحدث؟!


التفت وجهى بعد ذلك إلى المحاضر والذى نادراً ما أشغل بالى برؤيته .
شخص وسيم ..يرتدى ثياباً أنيقة ..يبدو على هيئته أنه قد تخطى الستين عاماً ..قد كسا شعيرات رأسه اللون الأبيض الذى أقسم ألا يترك شعيرة واحدة سوداء ،
لكن وجهه لا يزال يحتفظ بحيويته وكأنه فى سن صغيرة .
عيناه واسعتان يشع منهما بريق أمل وتفاؤل لم أره من قبل داخل عينى أى محاضر .



صوته يوحى بشخصية مهذبة راقية نوعاً ما ॥لهجته المصرية ليست صافية يخالطها بعض كلمات أجنبية وكأنه عاش بالخارج فترة، وهذا فعلاً ما تأكدت منه أثناء حديثه يقول ..


"....فعندما سافرت إلى أمريكا انبهرت جداً بنظام التعليم الجامعى هناك ،تعاملت مع الطلبة فى جامعاتهم طيلة عشر سنوات مضت ،ملأتنى الغيرة على أبنائى الذين هم أنتم وعدت لأكون بجواركم لأساعدكم أن تكونوا مثلهم وأفضل ،فأرجوكم أن تساعدونى ....)



ماهذا الكلام ؟! ..أول مرة أسمعه يقال لنا ..هل حقاً يمكن أن نتغير ونكون مثلهم ؟!


يستكمل المحاضر حديثه ..
"...دائماً أقول لنفسى عد إلى مصر ،حتى وإن لم تر فيها ما تستريح له نفسك ،يكفيك أبناؤها .
مصر ستظل حلوة بكم أنتم يا أبنائى ..أنتم خير أجناد الأرض ، فلماذا تأبوا أن تكونوا كذلك ؟!..."


"...بإذن الله أنا معكم فى هذه المادة (مادة طب المجتمع )وأريدكم أن تكونوا معى،
سنبدأ من الغد شرح المنهج فعلياً بمحاضرة نظرية مدتها نصف ساعة لا أكثر وبعدها سيتم توزيعكم على فرق عمل صغيرة العدد ،كل فريق له قائد هو المتحدث الرسمى باسم فريقه ،القائد سيتغير كل يوم ،ليأخذ كل طالب دوره فى القيادة ومهارة الحديث ،لكل فريق أيضا عضو من أعضاء هيئة التدريس هو المشرف عليه ، ستتناقشوا معاً طيلة ساعة كاملة فى موضوع المحاضرة ،أريد أن أسمع أفكاركم ،تعليقاتكم ،ابتكاراتكم واقتراحاتكم،



سيكون عليكم واجب أسبوعى ،واجب الأسبوع هو (مرض انفلونزا الخنازير) على كل فريق أن يذهب إلى شبكة المعلومات والموسوعات الخارجية يبحث عن أصل وتاريخ المرض ،ومن سيأتى بمعلومات جديدة ليست مكررة سيصعد بجوارى هنا على المنصة ليأخذ الميكروفون ويعرضها على زملائه وله منى جائزة نقدية قيمة ...."



وما زال المحاضر يتكلم وأنا أشعر بشئ غريب يسرى في جسدي وانتفاضة تنبعث من داخل أعماق قلبي،هل قد جاء الوقت الذي سأستمتع فيه حقاً بدراستي ،هل ستتحقق دعواتك يا أمي ؟!نعم ..ربما سيعوضنى الله خيراً جزاء استجابتى لندائك ونداء أبى *رحمه الله* بدخول كلية الطب .


وأنا أحادث نفسى سمعت المحاضر ينهى كلامه بقوله (اتفقنـــــا ..؟ّ) وإذ بالصوت يعلو داخل أرجاء المدرج وأنا معهم ( اتفقنــــاااااااا...)



هو الدكتور "حلمي عــز الديـــن " نعم اسمه كذلك ، هذا ما عرفته من زملائي بعد المحاضرة ،كنا سعداء للغاية،عدنا جميعاً للمنزل لنهيئ أنفسنا لبداية سنة دراسية جميلة ।


طيلة أيام الدراسة مع الدكتور حلمى :




كانت من أجمل أيام حياتى،أشهدكم يا أصدقائى أن عقلى بدأ يتفتح من جديد بعدما ذبلت خلاياه



॥آفاقى عادت لتتسع شيئاً فشيئاً بعدما ضاقت ممراتها وتقوقعت سنوات طويلة।
عشنا سوياً مغامرات إبداعية اكتشفت فيها أنا وجميع زملائى مواهباً بداخلنا كانت مدفونة ।



ها هى "سارة" زميلتى ،لم أكن أعرف أنها محترفة للغة الإنجليزية بطلاقة مكنتها من محادثة الأساتذة الكبار بصورة منقطعة النظير ،
أما "إبراهيم"صمم لنا عرض إلكترونى رائع عن العلماء الحاصلين على جائزة *نوبل* فى مختلف المجالات ،
"ريهام"تسلمت الميكروفون نيابة عن المحاضر وشرحت لنا أجزاء لم تكن مفهومة فى المنهج بشجاعة وتلقائية فريدة ،
و"دعاء" يا أصدقائى لم تنم ليال طوال لتعد لنا معلومات عن العادات الطبية الخاطئة المنتشرة فى بلادنا.
أما "حسين ،صفوت وعبد الرحمن "بذلوا مجهوداً شاقاً لتجميع كل ما يتعلق بالطب فى الإسلام .
و"سهير " البارعة علمتنا طرق الإسعاف الأولى وإنعاش القلب والدورة الدموية بعدما بحثت عن فيديوهات مختلفة من على مواقع الإنترنت متعلقة بهذا الموضوع ،
و"أسامة " الظريف كل يوم يضحكنا جميعاً بتعليقاته البارعة ونقده البسيط لأعمالنا بروح مرحة .




وزملائى أحمد ..خالد .. حسام ..وائل ...شاهنده وسارة ، كلنا معاً..يد واحدة ..أسرة واحدة، أخرج من المحاضرة بروح مختلفة وشخصية مختلفة ،أستطيع أن أثبت لكم الآن أنى أصبحت قادراً على التعايش مع الآخرين بصورة كبيرة وقبولهم ولو اختلفوا عنى ،أصبحت مثقفاً.. تخيلوا.. استطعت أن أدخل فى حوارات مختلفة مع الأساتذة وزملائى وأتحدث بلباقة .



تريدون أن تسألونى على موهبتى ..الشعر..أليس كذلك ؟! لا تخافوا لم أنسه، نعم فقد أعدت بفضل الله صياغة معظم المعلومات الطبية التى أعرفها إلى قصائد مسجوعة وموزونة أبهرت الجميع .
لكن، لا أخفى عليكم أنى "خائف" لا أدرى ما سبب ذلك المعكر ،ربما أخاف أن ينتهى العام وألا نجد "د/ حلمى" آخر فى السنوات القادمة ونعود لحال الآلات الذى كنا عليها!لا أصدق أنى سأظل فرحاناً هكذا ،الأيام تمر حلوة كل يوم ...شئ غريب


فأنا لم أفرح قط منذ دخولى بوابة الجامعة ॥



لا لا سأطرد هذا الهاجس ،المهم ما أنا فيه الآن।

أنا الآن لست "باسم" المتشائم ..ولا أريد أن أسمع هذه الكلمة...
أنا سعيــــــد ومتفائل بإذن الله .

فى نهاية العام ،قبيل امتحان المادة :

أجلس اليوم على مكتبى ،وقد أعددت لى أمى فنجاناً للقهوة لأستمتع بمذاكرة المادة ،أمى سعيدة جداً، تفرح دائماً عندما ترى بسمتى .لأول مرة أذاكر باستمتاع أيام الامتحانات ، عزيمة تملأنا لنحقق تقدير عال جداً هذا العام حتى يفرح بنا د / حلمى .

وفجـــــأة ......
اتصال على هاتفى المحمول...
من صديقى أحمد ..






"باسم ...تعرف ماذا حدث ؟ "




"خيراً يا أحمد"







" د /حلمى ...لن نره بعد الآن ..قد قدم استقالته لإدارة الكلية ووافقت على ذلك وهو الآن عائد إلى أمريكا مرة أخرى "




"مـ مـ ماذا ؟ ماذا تقول يا أحمد تأكد من ذلك ॥"







" الخبر أكيد ....للأسف"







"كيف فعل د /حلمى ذلك فهو يحبنا ..؟"







"عرفت أن إدارة الكلية كانت تسبب له مشاكلاً كثيرة بسبب ما يفعله معنا ..لم تكن راضية عن تلك الطريقة ."
انفعلت للغاية واستطردت حديثى ...





"نعم!! ...أى طريقة تقصد ؟




تقصد أنها لم تكن تريدنا أن نستمتع ،لم تكن تريدنا أن نفهم، وأن نكون لأنفسنا فكراً وعقولاً واعية،
لم تكن تريدنا أن نصبح مثل شباب أمريكا حتى لا ننهض بالبلد ،




كانت تسبب له مشاكلاً لأننا أحببناه ،



لأنه كان يفتح لنا أبواب مكتبه التى نادراً ما نرها مفتوحة مع أى أحد غيره ،
لأنه صنع منا رجالاً خلال شهور قليلة وغرس فينا قيماً كنا قد فقدناها ،
تقصد أنها خافت من التغيير،




أليس هذا صحيح يا أحمد؟!"

"بلى يا صديقى ،يبدو أن الفرحة لم تكتب لنا بعد،
المكتوب علينا أن نظل طول العمر آلات تحفظ المعلومات وتنجح وتأكل وتنام......فقط ."



تمتـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كل عام والأمة الإسلامية بخير وعيد أضحى مبارك

Monday, October 18, 2010

نباح كلب


منطقة زراعية تلك التى أسكن فيها ،أكثر ما يرعبنى وأنا ذاهبة إلى جامعتى صباحاً نباح كلب قادم من وسط الحقول الخضراء،مثل ذلك الذى يقف أمامى الآن
"يا إلهى
॥ماذا أفعل ؟!!"

جسمى يرتجف ودقات قلبى تزداد كلما اقتربت منه،أدعو الله أن يقينى شره ،أسمع خطوات مسرعة من خلفى ،أصوات أنفاس سريعة متلاحقة ॥وفجأة॥
"يا طنط
॥ممكن تعدينى من الكلب ده ؟"

باكياً قالها طفل صغير وهو ذاهب إلى مدرسته صباحاً،

"يا حبيبى॥متخافش.."

أمسكته من يده ،امتزج خوفنا فأصبح قوة تملأنى

تخطينا المنطقة وكف الكلب عن النباح


تمت
الاتحاد قوة يا عرب

Sunday, July 18, 2010

الفتى الغربى ..موقف أعجبنى





السلام عليكم




وأنا أتابع قناة "الهدى"الفضائية وهى قناة تعرض الإسلام باللغة لإنجليزية
كان برنامج لحفظ القرآن الكريم ، الشيخ يتلو بالعربية ويشرح التجويد بالأجنبية
ثم يتصل عليه الصغار ليتلون ما حفظوه على مسامع الشيخ


استوقفنى طفل ذو صوت عذب كان يقرأ بعض آيات من سورة "الملك" لكن يبدو أنه لم يحفظ جيداً فكان يتتأتأ كثيراً ويخطئ فى معظم الكلمات حتى قال له الشيخ بلغة مهذبة رقيقة أنه لابد وأن يعاود حفظه ،


وحينها بكى الطفل ،

ولكن الشيخ طمأنه بأنه يستطيع أن ينهى الحفظ ويتصل فى الحلقات القادمة
وأنهى المكالمة


مرت دقائق


اتصال آخر


وإذ به نفس الطفل
فرحت جداً وفرح الشيخ عندما سمعناه يعاود التسميع لكن بأخطاء أقل
وكأنه بل بالفعل جلس طيلة الخمسة دقائق مصمماً على إتقان الحفظ


عجبنى عدة أمور فى ذلك الموقف

أنه طفل صغير لم يتعد السابعة

هو أجنبى يدرس الأجنبية ورغم ذلك يصمم أن يحفظ القرآن وهو باللغة العربية

عندما عاتبه الشيخ على عدم حفظه الجيد رغم أنها كانت بلغة مهذبة تخيلت شعوره وهو يبكى وحينها قلبى بكى حزناً وتمنيت أن أكون مثله فى ذلك الموقف!

أنه أخذ الموقف بجدية واستطاع بكل عزم خلال دقائق بسيطة إتمام حفظ السورة كاملة

وأخيراً
أتسائلـــ

أين نحن من هذا الفتى الغربى ونحن كبار ونتحدث العربية بإتقان والقرآن بين أيدينا فى كل مكان ؟!












Sunday, March 7, 2010

نفسى أبقى أب


بدأت أرواحنا تتلاقى سوياً ..كنت سعيدة بالحديث إليهم ..هؤلاء الأطفال الصغار القاطنين معاً بإحدى دور الأيتام المتواضعة ..

افترشت أرضية الغرفة وجلست بجوارهم ..تجاذبنا أطراف الحديث ،سألتهم :

"ها يلا كل واحد يقللى نفسه يطلع إيه إما يكبر؟" ،

صاح *مصطفى* " دكتوووور ..نفسى أطلع دكتور..علشان أعالج الناس التعبانين وأعطيهم الحقنة " ،

قاطعه *حمزه*وأنا كمان..هبقى دكتور" ،

"طيب وانتى يا ليلى؟" ،

"أنا هبقى أبله علشان أضرب اللى مبيعملش الواجب " ،

"أومال انت يا عمر نفسك تبقى إيه ؟" ،

"أنا نفسى أبقى ..أب" ،

ترقرقت دمعاتى ..احتضنته ولم أسأله عن السبب.


تمتــــ


نشرت ببص وطل 

http://boswtol.com/culture/writing-workshop/10/march/2/9158


ملحوظة..فكرة الموقف مأخوذه من برنامج مجددون للأستاذ عمرو خالد 

Monday, February 8, 2010

نور السما كفايه

هناك فى بيت بعيد ..فى إحدى القري البسيطة بمحافظة القاهرة..يقطن الحاج "إسماعيل"وحيداً ..مجرد ما تسمع عنه تراودك نفسك للذهاب إليه ..الحاج "إسماعيل"ابتلاه الله بأمراض مختلفة يأتيه المرض تلو الآخر فهو بلغ من العمر الآن ما يقرب من الثامنة والستين ..كان آخر ما ابتلاه الله به ذلك المرض الجلدى الغريب الذى يصاحب أعراضه المختلفة طول رهيب فى الشعر وضمور شديد فى الجسم.. فتراه من فوق غطائه كتلة صغيرة مترامية من العظام يغلفها من الخارج جسم ضئيل لا يكاد يرى وشعر ناعم طويل يغطى نصف جسمه الأعلى.. تركته بناته الثلاثة حيث تزوجن وسافرن إلى البلدان المختلفة وذلك بعدما تركته زوجته من عشرات السنين ورحلت إلى بارئها وإلى مثواها الأخير..البيت لأول وهله تراه لا تستطيع أن تحكم بأن هناك من يقطن داخله ولكنك لا تعرف أنك لو دخلت ستجد ما هو أغنى وأغلى من ذلك البيت..جسماً نحيلاً وفماً يقطر كلاماً من شهد تجلس إلى جواره تستمع إليه تتمنى لو جلست معه ساعات طوال


_إزيك يا حاج إسماعيل
_ياااه الحمد لله أنا راضى راضى أوى أوى




_انت قاعد هنا لوحدك؟
_لا مش لوحدى ..مش لوحدى




_أومال مين قاعد هنا معاك؟
_معايه ربنا ..ربنا كبير مبيسبش حد



_وانت فين ولادك يا حاج
_ده أنا ليا 3 بنات زى القمر ..بس كل واحده فى حالها بقى مع جوزها وعيالها ربنا يصلح حالهم



كنت قاعد فى البيت ده اما كان بناتك معاك ؟
لا يا بنى كنا فى بيت قديم عطيته لواحده من بناتى تبيعه وتاخد فلوسه هى وجوزها يشقوا بيهم طريقهم
وجيت أنا هنا


هما بييجوا يزوروك يا حاج ؟
هما مسافرين ..بس ليا بنات كتير اوى ورجاله زيك كده بيجولى كل يوم يطلوا عليه ويعطونى الدوا ويأكلونى ..ولاد الحلال كتير ربنا بيبعتكم ليا يا بنى



_قللى يا بنى
_نعم يا حاج
_هوا انت شغال إيه الوقتى
_ انا دكتور يا حاج بس لسه صغير بتعلم
_اللهم صلى ع النبى ..الله يكرمك يا ضنايا..اجدعن كده علشان تبقى دكتور شاطر وتخفف عن الغلابه يا بنى
_حاضر يا حاج ادعيلنا انت بس علطول
_بدعيلكوا يا بنى فى كل صلاة ..بدعى لكل ولاد البلد ربنا ينصرهم ويهديهم ويخليهم ليها علشان ينصروها ويفوقوها..ده أنا اما كنت فى سنكوا كده كنت بطل ..حرب أكتوبر دى عمرى ما أنساها هى اللى ربتنى
_ياااه هو انت اشتركت فيها يا حاج
_أومال إيه يا بنى ..كنا رجاله وحررنا البلد أيام ما كانت نبته خضرا....بص على إيدى كده
_
_ده مكان الرصاصة اللى دخلت ..أنا كنت من اللى أصيبوا وكانوا هيكتبولى تعويض كل شهر لكن أنا رفضت
_
ليه يا حاج؟
_بلدنا مش هنحررها بالورق يا بنى ..انا بحبها من جوه هنا واضحى علشانها بأى حاجه


_وانت كنت بتشتغل ؟
_فى المحكمه ..كنت بكتب عشرة على عشرة وكان خطى جميل أوى أوى
لكن الوقتى خلاص بقى


_وانت مبسوط هنا يا حاج
يا سلام ..ده أنا فى نعمه يا بنى كفايه بس إنو حد يلعبلى فى شعرى كده ويطعمنى ويأكلنى كل يوم ناس طيبين زيك كده ده الواحد لازم يشكر ربنا أوى ع النعم دى تخيل ده أنا جالى لسه من امبارح 3 بطاطين ..قلت أعمل بيهم إيه ؟جارى ايجى يزورنى عطيتله اتنين وسبتلى واحده أتغطى بيها ..ده بيكفى وبيفيض يا بنى رضا


_نفسى أقعد معاك كتير
_وأنا ببقى مبسوط بيكوا ..مبسوط بولاد البلد الطيبين ..شوف يا حبيبى بلدنا مهما حصل فيها هتفضل حلوة بيكوا

_
احنا بنحبك أوى يا حاج إسماعيل وكل اللى بيجى هنا بيحبك أوى
_حبتكم العافية ..اجدعنوا علشان تشرفونا ..بلدنا محتاجالكوا يا ولاد

_هتفضل فى الضلمة ولا انت بتشغل إيه بليل
_لا مفيش نور يا ضنايه ..اتوكل انت على الله نور السما كفايه

_مع السلامه يا حاج ..عاوز مننا حاجه
_تسلم..بس أمانه عليكوا تجولى علطول ..دخلتكم دى بتخفف عنى كتير

******************************
بالله عليكم ماذا أقول فى هذا ؟!
شعور بالرضا بقضاء الله وقدره لا مثيل له ..سعادة بالغه بابتلاءات الله سبحانه وتعالى ..رجل مثل هذا بعدما فقد معظم النعم التى يتمتع بها كثير من الناس يتحدث هكذا !! ونحن بأيدينا النعم ونتذمر ونشكو ..سبحان الله
فلنتعلم جميعاً من ذلك الشيخ المسن ولننظر إلى أنفسنا ونحمد الله على كل نفس هواء نأخذه
..
الحمد لله الذى عافانا مما ابتلى به غيرنا وفضلنا على كثير من عباده
(القصة حقيقيه مع اختلافات بسيطه)

Saturday, February 6, 2010

كل أجازة وأنتم بخير




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،




بدأت الأجازة الحمد لله ..واستفتحتها أنا وصديقاتى أمس بالذهاب إلى معرض القاهرة الدولى للكتاب


بصراحة المعرض كان شيق جدا وكتب قيمة كثيرة قابلتنى ..


لكن أشعر أن هناك سلبيات كثيرة من المفترض ألا توجد فى معرض دولى كهذا منها مثلاً


..الازدحام الشديد ..


ده كان أولى من أى شى فى انتشار الفيروس اللى من المفترض تتم وسائل مكافحته والوقايه منه الآن


وخاصة اننا ذهبنا فى يوم الجمعة فلم تفتح لنا بوابات المعرض غير الثانية بعد الظهر ..وطبعا كان هناك اندفاع هائل من البشر فى هذا الوقت ..هذا الازدحام ضايقنى وفى نفس الوقت طمأننى أنه لايزال هناك من يحترم ويقدر قيمة الكتاب فى مصر بعد تراجع شعبيته أمام التكنولوجيا الحديثة


**


وأيضاً الأسعار..أول مرة أرى الأسعار مرتفعه بهذه الصورة إلا من رحم ربى فى بعض الأماكن القليلة جداً


قبل ما أروح فعلاً نبهونى للنقطه دى ولكن لم أكن أتوقع هذا الغلو ..جميعنا توجهنا إلى سور الأزبكية حيث وجدنا مرادنا ومأوانا هناك "أى كتاب بجنيه "قرب يا باشا..قربى يا مدام


**


لكن الحمد لله فى وقت قصير استطعنا إلى حد ما أن نشترى بعض الكتب الدينية والأدبية لنقرأها فى أجازة نصف العام بإذن الله


**


أنتم بقى ..أخباركم إيه ..أتمنى أن تكون الامتحانات مرت بسلام عليكم جميعاً


ما هى خططكم وطموحاتكم فى هذه الفترة ؟


ولمن زار معرض الكتاب ..ما رأيك فيه هذا العام وما هى الكتب التى لفتت انتباهك هناك




وأخيراً كل عام دراسى وكل أجازة وأنتم بخير وسعادة